Uncategorized

الحرب الإسرائيلية الإيرانية : صراع نفوذ أم تصفية حسابات؟ 

الحرب الإسرائيلية الإيرانية : صراع نفوذ أم تصفية حسابات؟ 

 

قلم // وائل عباس 

 

في خضم التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، تصدّرت الأنباء عن مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، لتعلن مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي الذي لم يعد يقتصر على الحروب بالوكالة أو المناوشات الحدودية ؛ حرب تُخاض بأسلحة متطورة، وجبهات ممتدة، وهدف مشترك : كسر الإرادة الإيرانية وإنهاء مشروعها الإقليمي .

 

ولكن :

وسط دخان المعارك وصخب التصريحات ، يلوح سؤال لا يغيب عن أذهان المتابعين للشأن السياسي : هل الأموال التي جمعها الرئيس الأمريكي الأسبق ” دونالد ترامب ” من دول الخليج كانت تمهيدًا لهذه الحرب؟ وهل كانت تلك المليارات “ثمنًا” لتدمير إيران ؟

 

المال مقابل الحماية .. أم المال مقابل التصعيد؟

 

لا يمكن فصل الصراع الإسرائيلي الإيراني عن السياق الأوسع لسياسة “المال مقابل الحماية” التي تبناها ترامب خلال سنوات حكمه حيث جاب عواصم الخليج، وخرج منها بصفقات تسليح خيالية تتجاوز ٢ تريليون دولار تحت عنوان واحد مواجهة التهديد الإيراني .

 

لكن ما بدا آنذاك كضمانة أمنية، تحول تدريجيًا إلى ترسيخ لتوازن هش يقوم على عسكرة المنطقة لا استقرارها .

 فإيران التي واجهت حصارًا اقتصاديًا خانقًا وعزلة سياسية غير مسبوقة، ردّت بتكثيف نفوذها في العراق وسوريا ولبنان واليمن ، لتصطدم بشكل مباشر مع المصالح الخليجية والإسرائيلية .

 

إسرائيل في الواجهة … والهدف إضعاف إيران

 

إسرائيل التي ترى في إيران “عدوًا وجوديًا”، استغلت هذه اللحظة التاريخية من الانقسام العربي ، والضوء الأخضر الأمريكي غير المعلن ، لتوسيع عملياتها العسكرية ضد إيران ومليشياتها. وتجلت ذروة هذه الاستراتيجية في توجيه ضربات مباشرة إلى الداخل الإيراني ، الأمر الذي كان حتى وقت قريب من المحظورات .

 

لكن إسرائيل رغم قوتها، ليست دولة مغامرة دون دعم. وهنا يبرز السؤال : من يموّل هذا التصعيد؟ ومن المستفيد الحقيقي من تدمير القدرات الإيرانية؟

 

لقد فوجئت إيران بالهجوم. لكن إيران تعافت سريعا بشكل أسرع مما كانت إسرائيل تتوقّع.

في أقل من 18 ساعة بعد الهجوم المفاجئ من إسرائيل، ردّت إيران بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية، بما في ذلك صواريخ فرط صوتية، على وسط تل أبيب ومناطق أخرى عبر إسرائيل.

في هذه الأثناء، فشلت القبّة الحديدية الإسرائيلية. فشلت الاستخبارات الإسرائيلية. والآن نتنياهو يتوسّل لواشنطن بالتدخل بالقوة العسكرية الأمريكية لإنقاذ إسرائيل من هزيمة مؤكّدة؛ هزيمة صنعها نتنياهو بدعم وتشجيع من واشنطن.

وفي الوقت نفسه، تقف روسيا، الصين، باكستان ومعظم العالم الإسلامي إلى جانب إيران.

الإمدادات، والمعدات، وكذا الدعم الفني تتدفق إلى إيران.

لقد حان وقت مواجهة الواقع :

أحرقت واشنطن 12 تريليون دولار في الشرق الأوسط منذ عام 2003. والنتيجة؟ 7,000 أمريكي قتيل. 50,000 جريح. حدود مفتوحة و100,000 أمريكي يموتون سنويا من تسمم الفنتانيل.

اليوم، الولايات المتحدة غارقة في ديون تبلغ 37 تريليون دولار، وهو مبلغ لا يشمل ما يُعرف بـ”ديون الوكالات”.

77 مليون أمريكي صوّتوا للرئيس ترامب لأنه وعد بإنهاء النزاعات الخارجية ووقف المسير نحو الحرب العالمية الثالثة .

تفويض ترامب لم يتغيّر :

 تأمين حدود أمريكا، وموانئها، ومياهها الساحلية. ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وسحق المجرمين الذين يغتصبون ويقتلون الأمريكيين. إعادة سيادة القانون. لكن لا لقطرة دم أمريكية واحدة إضافية من أجل حروب أجنبية.

ضربة إسرائيلية واحدة على جزيرة خرج – حيث يُصدر 90% من نفط إيران – أو على مرافئ بندر عباس، وإيران ستغلق مضيق هرمز. هذا يعني 20% من إمدادات النفط العالمية.

وهذا يعني تعطيل سلاسل التوريد وتضخّم جامح ؛ سعر الوقود يقفز إلى 7 دولارات فى الولايات المتحدة الأمريكية للغالون بين ليلة وضحاها. كل عائلة عاملة هناك ستنهار . سائقي الشاحنات لا يستطيعون توصيل الطعام. الاقتصاد ينهار. ولأجل ماذا؟ حتى تجرّهم إسرائيل التي بدأت هذه الحرب المجنونة، إلى صراع إقليمي أوسع قد يصل إلى حرب نووية؟

لديهم 40,000 جندي في الإمارات، وقطر، ومناطق أخرى عبر الخليج. إنهم أهداف سهلة. طائرات إيران المسيّرة من نوع شاهد-136 تكلّف 20,000 دولار لكل واحدة. صواريخ باتريوت الأمريكية تكلف 4 ملايين دولار لكل صاروخ اعتراض.

احسبها بنفسك: سينفد مخزون الأمريكان من الصواريخ ويعلنون إفلاسهم بينما يعود الأمريكيون في توابيت.

الشرق الأوسط على شفا الانفجار. وإليكم ما يجب على واشنطن فعله لتهدئة النزاع:

طلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي. والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، مع توضيح أن واشنطن تعارض تدمير إيران، إسرائيل، أو أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.

مطالبة إسرائيل بوقف قتل الفلسطينيين في غزة، وسحب قواتها من غزة والضفة الغربية.

تعليق جميع المساعدات العسكرية لإسرائيل حتى توافق على سحب قواتها من غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.

اقتراح إرسال قوات مسلحة من دول غير منحازة لتأمين غزة والضفة الغربية.

اقتراح عقد مؤتمر سلام تنظمه الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، والهند، والبرازيل للتوسط في النزاع بين إسرائيل، وإيران، وجيران إسرائيل.

لقد دفعوا جنودا أمريكيين تحت النار في المعركة ؛ هناك الكثير من التوابيت المغطاة بالعلم الأمريكي .

 

مثيرو الحروب في واشنطن كان لديهم 22 عاما. فشلوا. كذبوا. ربحوا بينما كانت أمريكا تنزف. انتهى الوقت.

” أمريكا أولا ” شعار مضلل لمرشحى الرئاسة الأمريكية من الحزبين 

لكن الحقيقة عكس 

 أمريكا ليست أولا بل إسرائيل هى أولا .

 

الخليج … بين فخ التمويل وهاجس الأمن

 

دول الخليج تجد نفسها اليوم في مأزق استراتيجي فمن جهة ، ترى في إيران تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، ومن جهة أخرى، فإن انهيار إيران أو دفعها إلى الزاوية قد يؤدي إلى ردود أفعال غير محسوبة ، سواء في مياه الخليج أو في العواصم العربية .

 

وهكذا، تصبح المليارات التي أُنفقت خلال السنوات الماضية سلاحًا ذو حدين: فهل كانت تلك الأموال بمثابة مساهمة غير مباشرة في إشعال الحرب؟ أم أنها محاولة استباقية لتأمين موقف الخليج في حال اندلعت النيران؟

 

في النهاية… من يحترق؟

 

الحرب الإسرائيلية الإيرانية، إن استمرت، لن تبقى محصورة بين طرفين ؛ فكل شبر في هذه المنطقة وكل ممر ملاحي وكل سوق نفط ، سيكون ساحة محتملة للنيران.

 ولعل أكثر ما يثير القلق أن تتحول أموال الخليج التي صُرفت لشراء الحماية، إلى تمويل لحرب لا يمكن ضمان نتائجها.

 

السؤال لا يزال مفتوحًا، والإجابة عنه قد تأتي لا من الساسة أو المحللين ، بل من مجريات الأيام القادمة على الأرض .

الحرب الإسرائيلية الإيرانية : صراع نفوذ أم تصفية حسابات؟ 

الحرب الإسرائيلية الإيرانية : صراع نفوذ أم تصفية حسابات؟ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى